الجمعة، 5 نوفمبر 2010

مقال بيع الأراضي الفلسطينية






















كتاب المصطلحات الإسلامية


خبر عن مخطوط مناسك القدس الشريف


عرض وتحليل لكتاب تهويد القدس على قناة الجزيرة الفضائية

عرض/ حسين عبد العزيز

تستهدف المخططات الإسرائيلية تهويد مدينة القدس من خلال مؤامرات عديدة لتزوير هوية العاصمة الدينية والتاريخية والسياسية والاقتصادية لعرب فلسطين. وتهدف هذه الدراسة إلى تقديم وصف واقعي يستند إلى أوثق المصادر الإحصائية المتوافرة وتفنيد بعض الروايات المضللة.

وقد عني الفصل الأول بالتشديد على عروبة القدس من خلال النصوص اليهودية والتوراتية قبل العربية والإسلامية، وجاء الفصل الثاني ليبين الأساليب الإسرائيلية في التحريف والتزييف، عبر سياسة ممنهجة لطمس الهوية العربية الإسلامية للمدينة المقدسة.

إقرار النصوص وكلمة التاريخ
لا يجد مؤلف الكتاب صعوبة في البرهان على عروبة القدس ودحض الادعاءات الصهيونية في أن اليهود هم من أسسوا مدينة أورشليم (القدس).

-الكتاب: تهويد القدس (محاولات التهويد والتصدي لها من واقع النصوص والوثائق والإحصاءات)
-المؤلف: أنور محمود زناتي
-عدد الصفحات: 144
-الناشر: مركز دراسات الوحدة العربية, بيروت
-الطبعة: الأولى/2010
يقول المؤلف استنادا إلى مصادر علمية متنوعة إن اسم المدينة مأخوذ من لغة الكنعانيين، وهو مركب من لفظين "يوري" ومعناها مدينة و"شليم " وهو اسم إله كان الكنعانيون يعبدونه ومعناه السلام.

ويبين المؤلف أن أول إشارة إلى أقدم أسماء فلسطين هي أرض كنعان توجد في حفريات تل العمارنة التي ترجع إلى القرن الخامس عشر قبل الميلاد، والاسم الذي تذكره هذه الحفريات هو كيناهي وأصله كنعان الذي يشير إلى البلاد الواقعة غربي نهر الأردن ومنها سوريا.

كما أن كنعان هو الاسم الذي تذكر به التوراة هذه البلاد، وتعترف التوراة بأن فلسطين ليست بلادهم وأنهم أتوا إليها نتيجة الغزو الذي قام به يوشع بن نون إلى هذه البلاد.

ويستشهد المؤلف هنا ببعض الشهادات العلمية، فيعرض رأي الدكتور ليون كارنييف الذي يقول إن الفلسطينيين هم أصحاب الحق والكنعانيين هم سكان فلسطين عبر التاريخ، وإسرائيل بالأصل قبيلة صغيرة قامت بالغزو طمعا في أرض كنعان التي سميت بعد ذلك بفلسطين.

أما المؤرخ اليهودي يوسيفوس فلافيوس فلم يذكر شيئا عن الهيكل حين وصف القدس، وهذا يعني أن الهيكل الذي بناه النبي سليمان وهدم على يد تيتس عام 70 م لم يبق منه شيء.

ويستشهد الكتاب هنا بكاتب يهودي آخر هو ألفريد ليلنتال حيث قال إن الكنعانيين هم أول من جاء إلى فلسطين ثم تتالت بعدها القبائل العربية ثم القبائل العبرية.

وحتى المؤرخ العالمي أرنولد توينبي يقول إن إسرائيل كانت وما تزال وستبقى من الوجهة القانونية ملكا للعرب الفلسطينيين الذين أخرجوا من ديارهم بالقوة.

ويوضح المؤلف أن وجود اليهود في المدينة كان عبر فترة ضئيلة امتدت سبعين عاما أو سبعة وتسعين عاما على عهدي داود وسليمان، وأن أكبر رقعة جغرافية سيطرت عليها دولة داود هي من "دان" (تل القاضي) شمال فلسطين إلى بئر السبع جنوبا، ولم يكن لبني إسرائيل أي وجود على البحر ولا في الجليل شمالا باستثناء هذا الموقع الصغير عند تل القاضي.

أساليب وخطوات منهجية
سار الفكر الصهيوني نحو نفي الشعب الفلسطيني واستبداله باليهود، وكانت الخطة ترتكز على الاستيلاء على أكبر قدر ممكن من الأراضي وإجبار الفلسطينيين على الرحيل.

"
سار الفكر الصهيوني نحو نفي الشعب الفلسطيني واستبداله باليهود، وكانت الخطة ترتكز على الاستيلاء على أكبر قدر ممكن من الأراضي وإجبار الفلسطينيين على الرحيل
"
وبعد احتلال القدس عام 67 اتخذت خطوات مباشرة وسريعة من أجل تهويد المدينة، حيث تم الإعلان عن توسيع حدود بلدية القدس وتوحيد المدينة إثر احتلال الجزء الشرقي، وقامت إسرائيل بإنشاء حي يهودي على أنقاض جزء من حي المغاربة، وقامت بعزل أحياء عربية كاملة على إثر إعادة ترسيم حدود المدينة، وفي 27 يونيو/ حزيران 67 أقر الكنيست ثلاثة قوانين أثرت في مكانة القدس والأماكن المقدسة، وهذه القوانين هي:
ـ تطبيق القانون الإسرائيلي على القدس بكاملها.
ـ توسيع حدود بلدية القدس ودمج منطقة القدس الموحدة من شمال قلنديا وحتى صور باهر جنوبا ضمن بلدية القدس، وحل المجلس العربي للبلدية.
ـ إصدار قانون حماية الأماكن المقدسة الذي يقر بحرية الوصول إلى هذه الأماكن لكل الأديان، لكنه لم يطبق على أرض الواقع.

وفي عام 68 بدأت الخطوات خارج سور المدينة القديمة بمصادرة الأراضي لإنشاء المستوطنات، وفي عام 69 ظهرت تفاصيل مشروع القدس الكبرى وفي إطاره تم تنفيذ نحو 18 مستعمرة شكلت الحزام الاستيطاني الثاني حول القدس.

وفي عام 74 تم إقرار إبقاء القدس موحدة تحت السيادة اليهودية، وتوسيع حدود المدينة وتقسيمها إلى ثمانية أحياء، وإعطاء الأحياء اليهودية نوعا من الحكم الذاتي، ومنع إعطاء تراخيص بناء أو ترميم للعرب المقدسيين.

وفي عام 76 أقيمت مستوطنة معاليه أدوميم، وكان الهدف إقامة تجمع استيطاني كبير يجمع المستوطنات الصغيرة التي أقيمت بين البحر الميت وشمال أريحا، بحيث تصبح معاليه أدوميم مدينة كبيرة مهمتها السيطرة على القدس الشرقية.

وفي عام 1980 أعلنت إسرائيل ضم القدس إداريا وسياسيا بقرار من الكنيست، وجعلها عاصمة للدولة الإسرائيلية، واستخدمت السلطات عام 87 كافة الأساليب لإجبار العرب على بيع منازلهم في البلدة القديمة أو مصادرتها، كما فعل أرييل شارون حين سكن منزلا في شارع الواد في الحي الإسلامي بعد طرد سكانه.

ونتيجة لهذه السياسة بلغ عدد المستوطنين في القدس عام 2001 أكثر من 180 ألفا.

بيانات حركة السلام الآن الإسرائيلية
كشفت حركة السلام الآن في تقرير لها عام 2008 أن أكثر من مائة مستوطنة تشهد عمليات توسيع في خمسمائة مبنى، يشمل كل مبنى إنشاء عشرات الشقق السكنية.

وأكدت الحركة أنه تم بناء 220 منزلا في 37 مستوطنة أخرى في إطار مشاريع قديمة صودق عليها مؤخرا، وأكدت أيضا أن المستوطنين بدؤوا ببناء 150 مستوطنة معزولة شرقي الجدار، منها عالي ودوليب وبسجوت وعوفرة وكوخاب هشاحر ويتسهار.

وذكر تقرير الحركة أن الحكومة الإسرائيلية أعلنت بعد مؤتمر أنابوليس نهاية 2007 عن طرح عطاءات لبناء 750 شقة سكنية في القدس الشرقية.

"
تنحصر أهداف الاستيطان في ثلاثة أهداف هي: تقطيع أوصال الأراضي المحتلة, خلق أمر واقع يمكن فرضه على الفلسطينيين في أية مفاوضات مستقبلية, الالتفاف على مشروع إقامة دولة فلسطينية عن طريق منع التواصل الجغرافي
"
كما ذكر التقرير أن لجنة التخطيط والبناء الإسرائيلية صادقت على إيداع خرائط لبناء 3600 وحدة سكنية في القدس، والبدء ببناء منازل في 58 نقطة استيطانية عشوائية في الضفة الغربية، إضافة إلى 38 منزلا متنقلا.

وبعد هذه الإحصاءات يعرض مؤلف الكتاب لأهداف الاستيطان، فيحددها بثلاثة أهداف، هي:

- تقطيع أوصال الأراضي المحتلة عن طريق الكتل الاستيطانية والطرق الالتفافية.

- خلق أمر واقع يمكن فرضه على الفلسطينيين في أية مفاوضات مستقبلية.

- الالتفاف على مشروع إقامة دولة فلسطينية عن طريق منع التواصل الجغرافي بين الأراضي التي يفترض أن تقام عليها الدولة.

آليات التهويد
يكشف المؤلف عن الاعتداءات وعمليات التهويد التي تمارسها السلطات الإسرائيلية بحق الأراضي والأماكن المقدسة الفلسطينية.

* البحث عن حائط البراق: ويبدأ المؤلف بالاعتداءات على حائط البراق، الذي يشكل الجزء الجنوبي الغربي من جدار الحرم القدسي بطول نحو 47 م وارتفاع 17 م، وتقوم وزارة الأديان بعمليات حفر كبيرة للبحث عن هذا الحائط الذي يسمونه بحائط المبكى.

ويؤكد المؤلف أن حائط البراق ليس مكانا مقدسا لليهود، معتمدا في ذلك على مصادر يهودية، منها ما قاله عالم الآثار الإسرائيلي إسرائيل فلنكشتاين لصحيفة جيروزاليم ريبورت في أغسطس/ آب 2000 من عدم وجود صلة لليهود بالقدس.

ويتابع المؤلف عرض البراهين بالقول إن اليهود الأرثوذكس وجماعة ناتوري كارتا لا يعتبرون الحائط مكانا مقدسا، كما أن الحائط لا يمكن إدراجه ضمن مباني العبادة اليهودية الأربعة، وهي:

-المذبح: أول مكان للعبادة أمر الله بإنشائه في التيه، كما ورد في سفر الخروج في التوراة.

- خيمة الاجتماع: مكان العبادة اليهودي الثاني، وتمت بناء على أوامر الله لموسى بأن يكلم بني إسرائيل، كما ورد في سفر الخروج.
- الهيكل المزعوم.
- الكنيس.

الأماكن الثلاثة الأولى انتهى دورها منذ عام 70 م، وأما الرابع فهو النمط المتبقي كبناء تمارس فيه طقوس العبادة.

والجدير بالذكر أن الحجاج والرحالة اليهود والمسيحيين الذين زاروا القدس قبل نهاية القرن الخامس عشر لم يشيروا إلى أي وجود يهودي أمام حائط البراق، فالحاخام اليهودي موشي أوف باسولا الذي زار القدس 1520 م لم يشر إلى وجود أي تجمع يهودي أمام الحائط، لكنه أشار إلى وجود كنيس واحد في القدس.

الحفريات في القدس
بعد احتلال القدس مباشرة عام 67 باشر الإسرائيليون الحفر بصورة غير قانونية، ومن هذه الحفريات:

1- حفريات جنوب المسجد الأقصى: تمت هذه الحفريات على امتداد سبعين مترا في أسفل الحائط الجنوبي للحرم القدسي، وقد اكتشف في هذه الحفريات آثار أموية ورومانية وأخرى بيزنطية.

2- حفريات جنوب غرب الأقصى: وتم هذا الجزء من الحفريات عام 69 على امتداد ثمانين مترا من الحائط الجنوبي للحرم وحتى باب المغاربة، مرورا بمجموعة من الأبنية الإسلامية التابعة للزاوية الفخرية.

وعلى امتداد الأنفاق تحت المسجد المبارك أقامت السلطات الإسرائيلية معابد يهودية وكنسا ومجسمات للهيكل المزعوم.

3- حفريات جنوب شرق الأقصى: أجريت هذه الحفريات عام 73 وامتدت على مسافة ثمانين مترا إلى الشرق، واخترقت الحائط الجنوبي للحرم.

4- حفريات النفق الغربي: بدأت عام 70 وانتهت عام 96 نجح الإسرائيليون خلالها بفتح باب للنفق من جهة مدرسة الروضة.

5- حفريات باب الأسود (الأسباط): أجريت عام 82 واستمرت أربع سنوات لم يجد فيها الإسرائيليون أي أثر إسرائيلي.

ويؤكد الكتاب أن الحفريات ما تزال مستمرة حتى اليوم، بهدف إنشاء مدينة داود تحت الأرض على مختلف جهات المسجد الأقصى، وأعلنت صحف الإسرائيلية في 13 أبريل/ نيسان 2008 أن أحجار حائط البراق بدأت بالتفتت، ويرى المؤلف أن هذا التطور يؤشر إلى إغلاق مسجد البراق.

طمس الهوية والثقافة الوطنية

"
من أجل تهويد الإنسان الفلسطيني قامت إسرائيل بإلغاء مناهج التعليم العربية في المدارس الحكومية وتطبيق منهاج التعليم الإسرائيلي، والاستيلاء على متحف الآثار الفلسطيني، وحظر تداول الكتب الثقافية والعلمية العربية الإسلامية
"
لم تقتصر عمليات التهويد على الأرض الديموغرافية، بل طالت أيضا الجوانب الثقافية والدينية، وكان التعليم من أهم المجالات التي عمل الإسرائيليون على تهويدها، حيث قامت إسرائيل بإلغاء مناهج التعليم العربية في المدارس الحكومية وتطبيق منهاج التعليم الإسرائيلي، والاستيلاء على متحف الآثار الفلسطيني، وحظر تداول الآلاف من الكتب الثقافية والعلمية العربية الإسلامية.

كما سنت الحكومة الإسرائيلية قانونا يسمح لها بالإشراف على المدارس الأهلية في القدس، ويعدد مؤلف الكتاب أسباب هذه الإجراءات:

1- تطبيق المنهاج الإسرائيلي المعمول به في المدارس العربية، وخاصة المتعلقة بالعلوم الإنسانية، كالتاريخ والجغرافية والاجتماع.

2- السيطرة الكاملة على المدينة، وإضعاف ارتباط المدينة بالمدن الفلسطينية الأخرى.

3- تعميم العدمية القومية في مجالات الانتماء للقيم التراثية والوطنية والحضارية العربية.

تزعزعت العملية التعليمية نتيجة لهذه الإجراءات، الأمر الذي دفع آلاف الطلبة لعدم الذهاب إلى المدارس، وأربكت هذه التطورات السلطات الإسرائيلية، والمسؤولين التربويين، مما دفعهم إلى البحث عن وسيلة أخرى غير تطبيق المناهج الإسرائيلية، ووافقت السلطات على تطبيق المنهاج الأردني الذي كان معمول به سابقا، على شرط تطبيق المنهاج الإسرائيلي وتعديل كتب أدبيات العلوم الإنسانية من خلال بعض الإجراءات:

1- طمس اسم فلسطين، وإحلال اسم إسرائيل مكانه من المواد والخرائط.

2- إحلال كلمة أورشليم مكان مدينة القدس والتركيز على كونها العاصمة الموحدة.

3- اعتماد الأسماء العبرية بدلا من العربية للمواقع الجغرافية والأثرية مثل يهودا والسامرة بدل الضفة الغربية.

4- إبراز الآثار اليهودية في البلاد، وطمس الآثار العربية والإسلامية.

المصدر:الجزيرة

http://aljazeera.net/NR/exeres/3EA8D1C9-7516-44DF-83FF-A796A2F52C87.htm?wbc_purpose=%2F%2F%2F%5C

الخميس، 28 أكتوبر 2010

مؤتمرات وندوات دولية

نقدم في تلك الصفحة أهم الملتقيات والمؤتمرات في مجالات مختلفة أهمها التاريخ والحضارة ويرجع الفضل في أغلبها إلى الدكتور النابغة لخضر بولطيف من الشقيقة الجزائر

نـدوة دولـيـة

المدرسـة الفـقـهـيـة المـالـكيـة الأندلـسية

الجذور التاريخية و الامتداد الـجغرافي ورابطة وحدة المذهب المالكي

أيام : 10/11/12/نونبر 2011

-------------

ذهب جل المؤرخين إلى أن فتح المسلمين لبلاد الأندلس تم في شهر رمضان سنة 92 للهجرة الموافق ل711 للميلاد على يد القائد العظيم طارق بن زياد والي موسى بن نصير على مدينة طـنجـة.المغرب .

و منذ فتحت بلاد الأندلس، و هي خاضعة لولاية بني أمية بالمشرق، إلى أن دخلها عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان فملكها و استقل بها.

و بما أن أغلب العرب اللذين دخلوا الأندلس مع الفاتحين كانوا من أهل الشام ، فقد اختاروا في فقههم مذهب الإمام الأوزاعي و تمسكوا به......

و قد ظل أهل الأندلس على رأي أبي عمرو الأوزاعي إمام أهل الشام ،منذ الفتح الإسلامي إلى أن رحل إلى المشرق جماعة من أبناء الأندلس من أجل الحج و طلب العلم ، فالتفوا بالإمام مالك بن أنس –رضي الله عنه- فسمعوا منه، و أخذوا عنه كتاب الموطأ قبل الانتهاء من كتابته ، فلما رجعوا إلى الأندلس وصفوا للناس فضله، و سعة علمه ، و جلالة قدره، و ساهموا في حلقات التدريس بالأندلس .

و تسجل كتب التاريخ أن من أوائل من رحل إلى المدينة المنورة، و جلس في حلقة الإمام مالك و حاز شرف السبق في الالتقاء به، ووضع اللبنات الأولى لبناء المدرسة الفقهية المالكية ببلاد أقصى الغرب الإسلامي ، وكان هذا في عهد عبد الرحمن بن معاوية : الفقيه أبو محمد الغازي بن قيس ، و هو من أهل قرطبة ، و فيه يقول ابن فرحون :" و هو أول من أدخل موطأ مالك و قراءة نافع إلى الأندلس ....." و قد تميزت مرحلة الأمير عبد الرحمن بن معاوية بدخول موطأ الإمام مالك رواية و سماعا، و بدخوله تم وضع اللبنة الأولى لقيام المدرسة الفقهية المالكية ببلاد الأندلـس .على أن هذه المدرسة، ستتضح معالمها أكثر في عهد الخليفة الأموي الثاني : هشام بن عبد الرحمن و الثالث: الحكم بن هشام بن عبد الرحمن ، و قد تميزت هذه الفترة بدخول موطأ الإمام الأندلس كاملا تاما مهذبا على يد يحيى بن يحيى الليثي المصمودي ، و هو المغربي الطنجي ، آخر من أخذ عن الإمام مالك ، احتل مكانة رفيعة عند السلطان.

و إن نمو المذهب المالكي، استمر دون توقـف، منذ زمن الأمير هشام بن عبد الرحمن و ابنه الحكم إلى زمن دخول المرابطين الأندلـس ، ثم ضمها إلى المغرب رسميا في عهد القائد الأمير، يوسف بن تاشفين ، فأصبحت المدرسة المالكية الأندلسية :أندلسية مغربية.

و نهـض الأندلسيون و المغاربة بالفقه المالكي منذ أن اختاروه مذهبا رسميا لهم.

و لقد كثرت مؤلفات الفقه المالكي في الأندلس و المغرب على عهد الدول التي جاءت بعد الدولة المرابطية كثرة بلغت حد التراكم ، ما بين مطولات و مختصرات ، و بعض هذه المؤلفات تشبه أن تكون موسوعات فقهية ، مثل البيان و التحصيل لابن رشد ، و مثل المعيار المعرب للونشريسي و غيرهما.

و كان الأندلسيون و المغاربة، من أول من استعمل النظم التعليمي في الفقه، لحفظه و تقريبه من الدارسين، كتحفة ابن عاصم و لامية الزقاق و غيرهما من المتون الفقهية ، كما برزت المدرسة المالكية الأندلسية المغربية في كتب: علم الشروط و الوثائق و النوازل ،و كتب الأحكام و المسائل ، و بلغ علماؤها مبلغا عاليا، و درجة كبيرة في دقة التقنين و التشريع، و خدموا الإنسانية عموما بما أنتجوا و ابتكروا، و ترجمت مؤلفاتهم إلى لغات متعددة .

و بحلول سنة 2011 ، سيكون قد مر(13) ثلاثة عشر قرنا على دخول المسلمين الأندلس و تأسيس الدولة التي احتضنت مدرسة فقهية مالكية رائدة أنجبت مجموعة من الأعلام الموسوعيين.

و في إطار الاحتفال بحلول هذه الذكرى ، سينظم فريق البحث في التراث الفقهي المالكي بالغرب الإسلامي،التابع لكلية الآداب سايس/جامعة سيدي محمد بن عبد الله –فاس،و موقع رواق المذهب المالكي، بتعاون مع جهات مدنية و مؤسسات،و بالتنسيق مع فرع جمعية فاس سايس بمدينة طنجة.ندوة دولية في موضوع :

المدرسة الفقهية المالكية الأندلسية المغربية

الجذور التاريخية و الامتداد الجغرافي و رابطة وحدة المذهب المالكي

و ذلك أيام : 10/11/12 نونبر 2011 بمدينة طنجة

تحت شعار : الأندلسيون و المغاربة يحتفلون بتاريخهم

نتناول فيه المحاور التالية :

1- الجذور التاريخية لدخول الإسلام و المذهب المالكي بلاد الأندلس.

2- دور أمراء الأندلس و المغرب في خدمـة المذهب المالكي ببلاد الأنـدلس.

3- دور تنوع المكون البشري و التواصل الأندلسي المغربي، في إثراء التأليف الفقهي المالكي.

4- الـمراكـز الثـقافية الكبرى بالأندلس و الإشـعاع الـخارجي.

5- الرحـلة: -من و إلى- الأندلس ،و دورها في خدمة المدرسة المالكية الأندلسية المغربية .

6- التراث الفقهي المالكي الأندلسي : التنوع و الموسوعية و الابتكار و التجديد في الاجتهاد.

7- واقـع الكتاب التراثي الفقهي المالكي الأندلسي و آفـاق البحث فـيه.

بسم الله الرحمن الرحيم

جامعة سيدي محمد بن عبد الله

كلية الآداب و العلوم الإنسانية سايس

مجموعة البحث في التراث المالكي بالغرب الإسلامي

جمعية فاس سايس للتنمية

الثقافية والاجتماعية والاقتصادية

استمارة المشاركة في ندوة

المدرسة الفقهية المالكية الأندلسية المغربية

الجذور التاريخية و الامتداد الجغرافي و رابطة وحدة المذهب المالكي

أيـام10/11/12 نونبر 2011

الاسم الكامل:.........................................

الإطار العلمي:.......................المؤسسة :.............................................

العنوان الشخصي............................................................................

الهاتف الثابت والمحمول :..............

الناسوخ :.....................................................

العنوان إليكتروني :E-Mail.................................................................

محور المشاركـة :..........................................................................

عنوان العرض:..............................................................................

ملخص العـرض:

الأربعاء، 27 أكتوبر 2010

مواجهة الموت في ظل الإرهاب الصهيوني

تتعرض القدس لحرب إبادة منظمة من اليهود في سلسلة من الاعتداءات على الأرض والنفس ، والتاريخ لم يسجل من قبل قضية تجمعت فيها الأحقاد العالمية، والمتناقضات الدولية، مثلما سجل في قضية فلسطين !!

والشعب الفلسطيني بعامة جيلاً بعد جيل يتعرض يومياً للإبادة، وسلب الإرادة، ويحاصره الموت من كل مكان، ومن الطبيعي في هذا المكان غير الآمن أن يفكر الإنسان في الموت أكثر من تفكيره في الحياة، ولكن الموت عند المقدسيين ليس ذلك المجهول الذي يبث الخوف والرهبة في النفوس، بل هو قضاء الله وقدره في أن يعيش الإنسان عمراً زائلاً في الدنيا، ثم يعيش عمراً خالداً في الآخرة، وقد تأكدت هذه الحقيقة في معارك 1948م وما بعدها حين خرجت طلائع مؤمنة من بلاد شتى تتحرق شوقاً إلى الجهاد والاستشهاد في سبيل الله دفاعاً عن أولى القبلتين وثالث الحرمين ومسرى النبي r معتقدين في قول الله تعالى: " وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله كِتَاباً مُّؤَجَّلاً وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ "([1])

وفي قول النبي r: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي r قال: "انتدب الله لمن خرج في سبيله لا يخرجه إلا إيمان بي وتصديق برسلي أن أرجعه بما نال من أجر أو غنيمة أو أدخله الجنة، ولولا أن أشق على أمتي ما قعدت خلف سرية، ولوددت أني أقتل في سبيل الله، ثم أحيا ثم أقتل، ثم أحيا ثم أقتل"([2])

فمن يقاتل وهو يشعر بأن وجوده في أرضه يسلب منه وينتزع، إنما يتغلغل بداخله شعور بعقيدته القتالية النابعة من إحساسه بعدالة القضية، فهو لن يخشى الموت، ولن يهتم لحياته فداء حرمة مقدساته، أرضه، حضارته، هويته.

إن قيام شعب اغتصب استقلاله عنوة بحرب مسلحة ضد الدولة المحتلة لن يكون بأي حال عملاً عدوانياً، بل إنها حرب عادلة نعلنها لندفع الظلم ضمانا للحق والعدل، يُرغَم العدو على السلم وعدم الإيذاء وحب التسلط.

فهل دفاع الفلسطيني عن مقدساته ووجوده إرهاب، وما يمارسه الإسرائيلي من مذابح ومجازر يومية ليس إلا دفاعا عن النفس ؟! إن الغزو الصهيوني الذي استهدف اجتثاث شعب من أرضه ليس إلا تمهيداً لفرض الهيمنة الصهيونية على الأراضي العربية، وتشتيتاً للعرب والسعي إلى إفقاد حسهم النضالي. ولكننا نناضل لعدالة ما من أجله نهب حياتنا .. لاستعادة الأرض المغتصبة .. لاسترجاع الكرامة والهوية والذاتية.

لقد كان للشعب الفلسطيني – دائماً – مواقفه التي دافع فيها عن قضاياه وعن وطنه، والتي ناب فيها عن أمته العربية والإسلامية في الكفاح البطولي ضد من اغتصبوا أرضه وجاثوا خلال دياره عابثين بكل المقدسات، معتدين على كل الحقوق، والأمانة تقتضي أن نذكر أن التحرك العربي لم يكن أبداً في الفترة المعاصرة للقضية – أي منذ الحرب العالمية الأولى وحتى الآن – على المستوى المطلوب للدفاع عن الحقوق، ومواجهة القوى المعادية، فنحن إزاء صراع حضاري طرفاه الاستعمار الصهيوني الاستيطاني والعرب.([3])

فكما أن للحياة حكمة فللموت حكمة وغاية، وتكتمل الحكمتان في اختبار الإنسان في حياة أخرى باقية انطلاقا من قوله تعالى: " الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ "([4])

فحياة الفلسطينيين بعامة والمقدسيين بخاصة مليئة بالابتلاءات، ومع ذلك فحين يصبرون تكون لهم البشرى، يقول تعالى: "وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ"([5])

وليس الصبر ضرباً من السلبية، أو استسلاماً للواقع المر، وإنما هو جهد يبذل من النفس الإنسانية، ويصحبه النهوض بالتبعات بالعزم والاجتهاد، ولا يكون الإنسان متبرماً من مواجهة الشدائد والابتلاءات بل يكون صابراً راضياً بقضاء الله، وهذا هو معنى الصبر الجميل في قوله تعالى: "فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً"([6])

ومن ثمراته أنه يضيء الطريق لصاحبه فيعرف في الشدائد عدوه من صديقه، ومن ثمراته عند مواجهة الأعداء النصر، يقول النبي r "واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرا"([7])

وإذا كانت المحن تولد المنح، وتفرز الرجولة والبطولة والتضامن، وتصهر معادن الرجال، فإننا ننتظر المنحة قريباً بنصر وفتح قريب وعودة القدس الحبيب.

الحرب النفسية:

تنكر إسرائيل على الشعب الفلسطيني حقوقه المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وتخوض حربا نفسية وحشية ضد السكان المدنيين الأبرياء، مستهدفة بذلك تحطيم وتدمير الإنسان الفلسطيني، وتنتهك كرامته الإنسانية، متجاوزة القوانين والشرائع الدولية، وبخاصة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وما نص عليه العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والثقافية للبشرية، الصادر عن الأمم المتحدة عام 1966، والذي أكد على أن أساس الحرية والعدل والسلام في العالم هو الإقرار بالكرامة الإنسانية والحقوق المتساوية والثابتة للبشرية جمعاء، وأن السبيل الوحيدة لتحقيق المثل العليا للإنسانية تتمثل في أن يكون البشر أحراراً، ومتمتعين بالحرية المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ومتحررين من الخوف والتهديد والإرهاب.

والحرب النفسية في مفهومها الواسع هي كل ما يوجه إلى العدو لغرض الإسهام بصورة فاعلة في قهره أو التأثير في سلوكه. وهي حملة شاملة تستخدم فيها كل الأجهزة والأدوات المتاحة للتأثير في عقول ومشاعر جماعة محددة بقصد تغيير مواقف أخرى تؤدي إلى سلوك يتفق مع مصالح الطرف الذي يشن هذه الحرب([8])

ويجمل "حامد ربيع" فيقول: "الحرب النفسية هي نوع من القتال النفسي
لا يتجه إلا للعدو ولا يسعى إلا لتحطيم النواحي المعنوية له بجميع الوسائل للقضاء على أي صورة من صور الثقة بالنفس التي قد تولد فيه المقاومة أو عدم الإذعان أو الاستسلام"
([9])

الوضع النفسي

والحاجة إلى الأمن

يؤكد جمهرة من علماء النفس أن هذه الصدمات قد تصاحبها حالات من الفوبيا المزمنة من الأحداث أو الأشخاص أو الأشياء التي رافقت وقوع الحدث، مثل: الجنود، صفارات الإنذار، الأصوات المرتفعة، الطائرات. وفي بعض الأحيان يعبر الطفل عن هذه الحالات بالبكاء أو العنف أو الغضب أو الصراخ أو الانزواء في حالات الاكتئاب الشديد، إلى جانب الأعراض المرضية مثل: الصداع والمغص وصعوبة التنفس، والتبول اللاإرادي، وانعدام الشهية للطعام، وقلة النوم، والكوابيس، وآلام وهمية في حال مشاهدة أشخاص يتألمون أو يتعرضون للتعذيب، وفي حالة المشاهدة لحالات وفاة مروعة لأشخاص مقربين منه، أو جثث مشوهة، أو حالة عجز لدى مصادر القوة عند الطفل، مثل الأب والأم، يصاب عندها الطفل بصدمة عصبية قد تؤثر على قدراته العقلية.([10])

فما موقف الفلسطينيين عامة والمقدسيين خاصة من قضية الموت؟ البعض يقبل عليه مضحياً بنفسه في سبيل الله، والبعض الآخر لم يحتمل ما شاهده من تعذيب وقتل لإخوانه فأصيب بما يسمى بقلق الموت. لقد كان رد الفعل لكل ما سبق هو تحويل هذه الأجساد إلى قنابل بشرية، البعض يرى أنها عمليات استشهادية لتحرير الأرض والمقدسات، والبعض الآخر يرى أنها عمليات انتحارية نتيجة للكبت والضغوط اللذان يعاني منهما المجتمع الفلسطيني !! فأين الحق في ذلك ؟ وما حقيقة الخوف من الموت والقلق منه؟

يوضح سمير شقير (2003) أن هذه العوامل لها دور كبير في زيادة القلق لدى بعض الفلسطينيين، حيث يواجه الشعب الفلسطيني -وبشكل يومي- الإرهاب الإسرائيلي والذي يتمثل في الحصار الاقتصادي، واستخدام أسلحة الدمار، فها هو الشعب الأعزل يقتل ويعذب على أيدي الإسرائيليين، ويمنع الطلاب من الدراسة بسبب الحواجز ومنع التجول الذي يحول بينهم للوصول إلى جامعاتهم، إضافة إلى معايشتهم الموت كما حدث في المخيمات والمدن الفلسطينية من مجازر إسرائيلية مثل جنين والخليل وغزة ونابلس ورام الله، إضافة إلى عزل مدينة القدس عن المدن الفلسطينية، وهذا ينعكس على مشاعر المقدسيين وأفكارهم مما قد يؤدي إلى القلق العام بما في ذلك ارتفاع قلق الموت لدى البعض منهم.

فالمواطن الفلسطيني يتواجد يومياً في مواقف يتعرض فيها للخطر، ولاحتمال القتل، حتى وإن كان بعيداً عن الخطر الموضوعي، فهو في أحسن الأحوال على اتصال مع وسائل الإعلام، وهذا لا يحصنه من مشاعر وأفكار تقلقه من الموت في يقظته أو حتى في منامه، وما يرافق ذلك من الشعور بالحزن والهم.([11])

ومع ذلك وجدنا الكثير منهم وقد تكيف مع هذه الصدمات وهذا التهديد أو أي مصدر ضاغط، بل واستطاعوا التكيف مع الصعاب والشدائد، وهو ما يعرف بالمرونة الإيجابية Resilience وهي قدرة الفرد على مواجهة الأزمات والتهديدات بفاعلية، ومقاومة الخبرات القاسية.

فالموت في الدين الإسلامي ليس هو المجهول الذي يبث الخوف والرهبة في النفوس، ولكنه قضاء الله وحكمته في أن يعيش الإنسان عمراً زائلاً في الدنيا، ثم يعيش عمراً خالداً في الآخرة، يقول تعالى: "الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ" ([12]) ولذلك تجد الكثير وقد وصل بهم الزهد إلى الدرجة التي لا يخشون الموت منها أبداً، بل إن البعض قد يرنو إليه مشتاقاً، وينتظره متلهفاً، ويترقبه راجياً.

إن حياة المؤمن الحافلة بالصعاب تقتضي أن يكون لديه مفاهيم وأخلاق يتبعها لمواكبة هذه الصعاب ومواجهتها، وللخروج منها بما يرضي ربه جل وعلا، يقول الله تعالى: "الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ"([13]). فكل ما في الكون من حوله إما أن يكون نعمًا من الله سبحانه تعالى يغدقها عليه لأداء رسالته في الحياة، وإما أن يكون بلاء ومعوقات تعتري طريقه في أداء هذه الرسالة، وفي كلا الحالين يكون هذا المؤمن في اختبار وابتلاء، فكان لا بد من رصيد إيماني كبير لاجتياز هذا الاختبار، ولا بد من زاد يتقوى به في طريقه الشاق في هذه الحياة، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات"([14])، ولا يجتاز اختبار النعمة والبلاء بنجاح إلا من اتصف بصفتين عظيمتين تظهر من خلالهما حقيقة المؤمن، وحقيقة إيمانه، وحقيقة وجوده في الحياة، وقد ركز القرآن الكريم كثيرًا على هذين الصفتين وكذلك الرسول عليه الصلاة والسلام، ألا وهما: شكر الله في حالة النعم والصبر في حالة الابتلاء، وهاتان الصفتان سلاح أشار إليه ديننا الحنيف لعمارة الأرض وإقامة حكم الله فيها، بالشكل الذي يرضاه الله سبحانه وتعالى.

ومع تطور وسائل الحرب في العصور المتأخرة ظهر نمط جديد من الأعمال الفدائية، يتمثل في مباشرة المقاتل التضحية بنفسه، بغية تحقيق النكاية بالعدو. وهذا النوع من الأعمال لم يكن ليظهر لولا اكتشاف المواد المتفجرة وتقدم تقنيتها في هذا العصر، والتي من شأنها توسيع دائرة التأثير والتدمير لتحقيق النكاية بالعدو.([15])

وهذه الأعمال الفدائية بدأت تظهر في فلسطين بعد الاحتلال اليهودي للأراضي الفلسطينية، وذلك ضمن أعمال المقاومة الشعبية ضد الاحتلال.

والذي ينظر في واقع أمة الإسلام في هذا العصر يرى بجلاء تداعي أمم الكفر عليها، واحتلالها أجزاء من أراضيها ومقدساتها، وقتلها أبناءها، حتى أضحى الدم المسلم - الذي هو أعظم عند الله من الكعبة - أرخص الدماء، فبلادهم مباحة، ودماؤهم مستباحة، مع ضعفٍ في قدراتهم، وتفرقٍ بين دويلاتهم. ولهذا، من الخطأ إعطاء هذه الأعمال بشتى صورها حكماً واحداً على وجه الإطلاق والعموم دون النظر في حال العدو ووضع الحرب وحال الشخص وملابسات العملية.([16])

لقد أثبتت الدراسات المعاصرة أن هذه الأعمال هي الأكثر نكاية باليهود المغتصبين، والأنجع في إدخال الرعب في قلوبهم. فقد نزعت الأمن من صفوفهم حتى في شوارعهم ووسائل نقلهم الداخلية والخارجية وأماكن تجمعاتهم العسكرية.([17]) وقد جاء في دراسة مركز النور للأبحاث والدراسات عن العمليات العسكرية والاستشهادية التي نفذتها حركات المقاومة الفلسطينية ما يلي: "يتضح من خلال الدراسة أن العمليات الاستشهادية هي رأس الانتفاضة، وهي السلاح الأقوى الذي أوقع في العدو أكبر الخسائر البشرية والمادية والمعنوية على حد سواء، وقد تنوعت العمليات الاستشهادية بأساليب مختلفة وطرق مختلفة، وقد قتل من اليهود جراء هذه العمليات الاستشهادية في مختلف الأراضي الفلسطينية
ما يربو عن 80% من إجمالي قتلاهم، وهذا يبرز أهمية هذا السلاح بيد المقاومة الفلسطينية، ويعطي التفسير الواضح لمطالبة دولة العدو وحلفائها وأصدقائها بالوقف الفوري لهذا النوع من العمليات الساخنة"
([18])

يقول الكاتب الصهيوني (آريه شبيط): "إنه بفضل العمليات الانتحارية
- هكذا يسميها - نجح الفلسطينيون في قلب الشوارع الإسرائيلية إلى موقع عسكري كبير ومرهق. وبفضل هذه العمليات نجحوا في المساس بقسوة بالاقتصاد الإسرائيلي، كما نجحوا في الحفاظ على اهتمام الأسرة الدولية بمشكلتهم، ولولا العمليات الانتحارية لكان القليل فقط من الإسرائيليين يكرسون التفكير بما يجري وراء الخط الأخضر، ولكانت المعاناة والضائقة من نصيب الفلسطينيين فقط، ولكان قُدِّر لهم الاستسلام والخضوع بدون شروط"
([19])

إن هذه العمليات لها تأثير قوي على الجانب النفسي في صفوف الصهاينة، وقد أشار الله تعلى إلى أثر هذا الجانب فقال تعالى: "وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ
لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ
لاَ تُظْلَمُونَ
"
([20])

وقد دلت هذه الآية على أن من مقاصد الإعداد والجهاد، إرهاب العدو وتخويفه، وإدخال الرعب إلى قلبه، بحيث يشتد تحرزه واضطرابه، لما في ذلك من أثر على قوة العدو المعنوية ووحدة صفوفه، وقد أحدثت هذه العمليات أثراً كبيراً سيئاً على الحالة النفسية والمعنوية للمجتمع الإسرائيلي قادة وشعباً.

وقد دلت البيانات اليهودية على هذا الرعب بدقة الأرقام فنشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن معدلات الخوف بين المستوطنين كانت 57% في مطلع شهر أكتوبر 2001م ثم بلغت 68% في منتصف الشهر ثم بلغت 78% في مطلع الشهر التالي، وبلغت نسبة الزيادة في مبيعات المهدئات في القدس 100% ، كما بلغت نسبة الزيادة لأدوية الاكتئاب 30%.([21])

ويشير علماء النفس إلى تزايد الشكاوى من اضطرابات النوم والقلق والإحباط بين الصهاينة، كما تؤكد الإحصائيات زيادة استهلاك السجائر، وقلة العائدات من ضريبة الوقود، وهو ما يشير إلى تجنبهم للخروج والتنقل، خوفًا من وقوع أي عمليات استشهادية ضدهم.([22])

وعلى الجانب الاقتصادي يقول سفر الحوالي: "قبل اشتعال الانتفاضة المباركة كانت الدولة اليهودية تعيش عصرها الذهبي، لا سيما في الاقتصاد، فقد أصبحت تطمع الوصول لنادي العشر الدول الأولى في العالم من حيث مستوى دخل الفرد ... فلما قامت الانتفاضة المباركة هبطت بالاقتصاد اليهودي إلى أسوأ حالاته منذ قيام الدولة، وذلك بإجماع الخبراء والمراقبين في إسرائيل والهيئات الدولية المختصة"([23])

وعندما يرتد العدو عن عقيدته التي من أجلها جاء و قاتل، فإن ذلك يعني أن الهزيمة النفسية لديه قد بلغت النهاية، والردة هنا ليست تعبيرا مجازياً، بل هي حقيقة دينية عند الصهاينة، فهم يسمون العودة من أرض الميعاد ردة.([24])

لقد أمر الله تعالى رسوله الكريم بتحريض المؤمنين على القتال، يقول تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفاً مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ"([25])

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين




([1]) سورة آل عمران: 145

([2]) رواه البخاري في كتاب الإيمان برقم (36)، ومسلم في كتاب الإمارة برقم (1876)

([3]) جعفر عبد السلام (1995). المركز القانوني الدولي لمدينة القدس. ص 11.

([4]) سورة الملك: 2

([5]) سورة البقرة: 155

([6]) سورة المعارج: 5

([7]) رواه أحمد في مسنده.

([8]) ماركو ميلوش (ترجمة) لبيب لهيطة (1973). الحرب النفسية. القاهرة: دار الثقافة الجديدة. ص17

([9]) أنظر: حامد ربيع (1971). الحرب النفسية في المنطقة العربية. بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر. ص73

([10]) غسان يعقوب (1999). سيكولوجيا الحروب والكوارث ودور العلاج النفسي (اضطراب ضغوط ما بعد الصدمة). بيروت: دار الفارابي.

([11]) سمير شقير، مرجع سابق، ص 29.

([12]) سورة الملك: 2

([13]) سورة الملك، الآية 2.

([14]) صحيح مسلم، رقم 7130، ص1228.

([15]) الإرهاب والعمليات الاستشهادية: سلمان العودة . مقال بمجلة الدعوة في عددها الصادر في 12/2/1423هـ

([16]) هل انتحرت حواء أم استشهدت؟ ص:3

([17]) العمليات الاستشهادية في الميزان الفقهي، ص24

([18]) عمليات المقاومة العسكرية والعمليات الاستشهادية التي نفّذتها حركات المقاومة الفلسطينية ص190

([19]) الانتفاضة والتتار الجدد، ص41-42، صحيفة"البيان"الإماراتية في عددها الصادر يوم الثلاثاء 24/7/1423هـ، ونقلاه عن صحيفة"معاريف" الإسرائيلية في عددها الصادر في 22/9/2002م

([20]) سورة الأنفال: 60

([21]) الانتفاضة والتتار الجدد، ص51

([22]) مجلة المجتمع في عددها الصادر في 25/8/2001م

([23]) الانتفاضة والتتار الجدد، ص82

([24]) المرجع السابق، ص61

([25]) سورة الأنفال: 65