الجمعة، 5 نوفمبر 2010
عرض وتحليل لكتاب تهويد القدس على قناة الجزيرة الفضائية
http://aljazeera.net/NR/exeres/3EA8D1C9-7516-44DF-83FF-A796A2F52C87.htm?wbc_purpose=%2F%2F%2F%5C
الخميس، 28 أكتوبر 2010
مؤتمرات وندوات دولية
نقدم في تلك الصفحة أهم الملتقيات والمؤتمرات في مجالات مختلفة أهمها التاريخ والحضارة ويرجع الفضل في أغلبها إلى الدكتور النابغة لخضر بولطيف من الشقيقة الجزائر
نـدوة دولـيـة
المدرسـة الفـقـهـيـة المـالـكيـة الأندلـسية
الجذور التاريخية و الامتداد الـجغرافي ورابطة وحدة المذهب المالكي
أيام : 10/11/12/نونبر 2011
-------------
ذهب جل المؤرخين إلى أن فتح المسلمين لبلاد الأندلس تم في شهر رمضان سنة 92 للهجرة الموافق ل711 للميلاد على يد القائد العظيم طارق بن زياد والي موسى بن نصير على مدينة طـنجـة.المغرب .
و منذ فتحت بلاد الأندلس، و هي خاضعة لولاية بني أمية بالمشرق، إلى أن دخلها عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان فملكها و استقل بها.
و بما أن أغلب العرب اللذين دخلوا الأندلس مع الفاتحين كانوا من أهل الشام ، فقد اختاروا في فقههم مذهب الإمام الأوزاعي و تمسكوا به......
و قد ظل أهل الأندلس على رأي أبي عمرو الأوزاعي إمام أهل الشام ،منذ الفتح الإسلامي إلى أن رحل إلى المشرق جماعة من أبناء الأندلس من أجل الحج و طلب العلم ، فالتفوا بالإمام مالك بن أنس –رضي الله عنه- فسمعوا منه، و أخذوا عنه كتاب الموطأ قبل الانتهاء من كتابته ، فلما رجعوا إلى الأندلس وصفوا للناس فضله، و سعة علمه ، و جلالة قدره، و ساهموا في حلقات التدريس بالأندلس .
و تسجل كتب التاريخ أن من أوائل من رحل إلى المدينة المنورة، و جلس في حلقة الإمام مالك و حاز شرف السبق في الالتقاء به، ووضع اللبنات الأولى لبناء المدرسة الفقهية المالكية ببلاد أقصى الغرب الإسلامي ، وكان هذا في عهد عبد الرحمن بن معاوية : الفقيه أبو محمد الغازي بن قيس ، و هو من أهل قرطبة ، و فيه يقول ابن فرحون :" و هو أول من أدخل موطأ مالك و قراءة نافع إلى الأندلس ....." و قد تميزت مرحلة الأمير عبد الرحمن بن معاوية بدخول موطأ الإمام مالك رواية و سماعا، و بدخوله تم وضع اللبنة الأولى لقيام المدرسة الفقهية المالكية ببلاد الأندلـس .على أن هذه المدرسة، ستتضح معالمها أكثر في عهد الخليفة الأموي الثاني : هشام بن عبد الرحمن و الثالث: الحكم بن هشام بن عبد الرحمن ، و قد تميزت هذه الفترة بدخول موطأ الإمام الأندلس كاملا تاما مهذبا على يد يحيى بن يحيى الليثي المصمودي ، و هو المغربي الطنجي ، آخر من أخذ عن الإمام مالك ، احتل مكانة رفيعة عند السلطان.
و إن نمو المذهب المالكي، استمر دون توقـف، منذ زمن الأمير هشام بن عبد الرحمن و ابنه الحكم إلى زمن دخول المرابطين الأندلـس ، ثم ضمها إلى المغرب رسميا في عهد القائد الأمير، يوسف بن تاشفين ، فأصبحت المدرسة المالكية الأندلسية :أندلسية مغربية.
و نهـض الأندلسيون و المغاربة بالفقه المالكي منذ أن اختاروه مذهبا رسميا لهم.
و لقد كثرت مؤلفات الفقه المالكي في الأندلس و المغرب على عهد الدول التي جاءت بعد الدولة المرابطية كثرة بلغت حد التراكم ، ما بين مطولات و مختصرات ، و بعض هذه المؤلفات تشبه أن تكون موسوعات فقهية ، مثل البيان و التحصيل لابن رشد ، و مثل المعيار المعرب للونشريسي و غيرهما.
و كان الأندلسيون و المغاربة، من أول من استعمل النظم التعليمي في الفقه، لحفظه و تقريبه من الدارسين، كتحفة ابن عاصم و لامية الزقاق و غيرهما من المتون الفقهية ، كما برزت المدرسة المالكية الأندلسية المغربية في كتب: علم الشروط و الوثائق و النوازل ،و كتب الأحكام و المسائل ، و بلغ علماؤها مبلغا عاليا، و درجة كبيرة في دقة التقنين و التشريع، و خدموا الإنسانية عموما بما أنتجوا و ابتكروا، و ترجمت مؤلفاتهم إلى لغات متعددة .
و بحلول سنة 2011 ، سيكون قد مر(13) ثلاثة عشر قرنا على دخول المسلمين الأندلس و تأسيس الدولة التي احتضنت مدرسة فقهية مالكية رائدة أنجبت مجموعة من الأعلام الموسوعيين.
و في إطار الاحتفال بحلول هذه الذكرى ، سينظم فريق البحث في التراث الفقهي المالكي بالغرب الإسلامي،التابع لكلية الآداب سايس/جامعة سيدي محمد بن عبد الله –فاس،و موقع رواق المذهب المالكي، بتعاون مع جهات مدنية و مؤسسات،و بالتنسيق مع فرع جمعية فاس سايس بمدينة طنجة.ندوة دولية في موضوع :
المدرسة الفقهية المالكية الأندلسية المغربية
الجذور التاريخية و الامتداد الجغرافي و رابطة وحدة المذهب المالكي
و ذلك أيام : 10/11/12 نونبر 2011 بمدينة طنجة
تحت شعار : الأندلسيون و المغاربة يحتفلون بتاريخهم
نتناول فيه المحاور التالية :
1- الجذور التاريخية لدخول الإسلام و المذهب المالكي بلاد الأندلس.
2- دور أمراء الأندلس و المغرب في خدمـة المذهب المالكي ببلاد الأنـدلس.
3- دور تنوع المكون البشري و التواصل الأندلسي المغربي، في إثراء التأليف الفقهي المالكي.
4- الـمراكـز الثـقافية الكبرى بالأندلس و الإشـعاع الـخارجي.
5- الرحـلة: -من و إلى- الأندلس ،و دورها في خدمة المدرسة المالكية الأندلسية المغربية .
6- التراث الفقهي المالكي الأندلسي : التنوع و الموسوعية و الابتكار و التجديد في الاجتهاد.
7- واقـع الكتاب التراثي الفقهي المالكي الأندلسي و آفـاق البحث فـيه.
بسم الله الرحمن الرحيم
جامعة سيدي محمد بن عبد الله كلية الآداب و العلوم الإنسانية سايس مجموعة البحث في التراث المالكي بالغرب الإسلامي | جمعية فاس سايس للتنمية الثقافية والاجتماعية والاقتصادية |
استمارة المشاركة في ندوة
المدرسة الفقهية المالكية الأندلسية المغربية
الجذور التاريخية و الامتداد الجغرافي و رابطة وحدة المذهب المالكي
أيـام10/11/12 نونبر 2011
الاسم الكامل:.........................................
الإطار العلمي:.......................المؤسسة :.............................................
العنوان الشخصي............................................................................
الهاتف الثابت والمحمول :..............
الناسوخ :.....................................................
العنوان إليكتروني :E-Mail.................................................................
محور المشاركـة :..........................................................................
عنوان العرض:..............................................................................
ملخص العـرض:
الأربعاء، 27 أكتوبر 2010
مواجهة الموت في ظل الإرهاب الصهيوني
تتعرض القدس لحرب إبادة منظمة من اليهود في سلسلة من الاعتداءات على الأرض والنفس ، والتاريخ لم يسجل من قبل قضية تجمعت فيها الأحقاد العالمية، والمتناقضات الدولية، مثلما سجل في قضية فلسطين !!
والشعب الفلسطيني بعامة جيلاً بعد جيل يتعرض يومياً للإبادة، وسلب الإرادة، ويحاصره الموت من كل مكان، ومن الطبيعي في هذا المكان غير الآمن أن يفكر الإنسان في الموت أكثر من تفكيره في الحياة، ولكن الموت عند المقدسيين ليس ذلك المجهول الذي يبث الخوف والرهبة في النفوس، بل هو قضاء الله وقدره في أن يعيش الإنسان عمراً زائلاً في الدنيا، ثم يعيش عمراً خالداً في الآخرة، وقد تأكدت هذه الحقيقة في معارك 1948م وما بعدها حين خرجت طلائع مؤمنة من بلاد شتى تتحرق شوقاً إلى الجهاد والاستشهاد في سبيل الله دفاعاً عن أولى القبلتين وثالث الحرمين ومسرى النبي r معتقدين في قول الله تعالى: " وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله كِتَاباً مُّؤَجَّلاً وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ "([1])
وفي قول النبي r: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي r قال: "انتدب الله لمن خرج في سبيله لا يخرجه إلا إيمان بي وتصديق برسلي أن أرجعه بما نال من أجر أو غنيمة أو أدخله الجنة، ولولا أن أشق على أمتي ما قعدت خلف سرية، ولوددت أني أقتل في سبيل الله، ثم أحيا ثم أقتل، ثم أحيا ثم أقتل"([2])
فمن يقاتل وهو يشعر بأن وجوده في أرضه يسلب منه وينتزع، إنما يتغلغل بداخله شعور بعقيدته القتالية النابعة من إحساسه بعدالة القضية، فهو لن يخشى الموت، ولن يهتم لحياته فداء حرمة مقدساته، أرضه، حضارته، هويته.
إن قيام شعب اغتصب استقلاله عنوة بحرب مسلحة ضد الدولة المحتلة لن يكون بأي حال عملاً عدوانياً، بل إنها حرب عادلة نعلنها لندفع الظلم ضمانا للحق والعدل، يُرغَم العدو على السلم وعدم الإيذاء وحب التسلط.
فهل دفاع الفلسطيني عن مقدساته ووجوده إرهاب، وما يمارسه الإسرائيلي من مذابح ومجازر يومية ليس إلا دفاعا عن النفس ؟! إن الغزو الصهيوني الذي استهدف اجتثاث شعب من أرضه ليس إلا تمهيداً لفرض الهيمنة الصهيونية على الأراضي العربية، وتشتيتاً للعرب والسعي إلى إفقاد حسهم النضالي. ولكننا نناضل لعدالة ما من أجله نهب حياتنا .. لاستعادة الأرض المغتصبة .. لاسترجاع الكرامة والهوية والذاتية.
لقد كان للشعب الفلسطيني – دائماً – مواقفه التي دافع فيها عن قضاياه وعن وطنه، والتي ناب فيها عن أمته العربية والإسلامية في الكفاح البطولي ضد من اغتصبوا أرضه وجاثوا خلال دياره عابثين بكل المقدسات، معتدين على كل الحقوق، والأمانة تقتضي أن نذكر أن التحرك العربي لم يكن أبداً في الفترة المعاصرة للقضية – أي منذ الحرب العالمية الأولى وحتى الآن – على المستوى المطلوب للدفاع عن الحقوق، ومواجهة القوى المعادية، فنحن إزاء صراع حضاري طرفاه الاستعمار الصهيوني الاستيطاني والعرب.([3])
فكما أن للحياة حكمة فللموت حكمة وغاية، وتكتمل الحكمتان في اختبار الإنسان في حياة أخرى باقية انطلاقا من قوله تعالى: " الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ "([4])
فحياة الفلسطينيين بعامة والمقدسيين بخاصة مليئة بالابتلاءات، ومع ذلك فحين يصبرون تكون لهم البشرى، يقول تعالى: "وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ"([5])
وليس الصبر ضرباً من السلبية، أو استسلاماً للواقع المر، وإنما هو جهد يبذل من النفس الإنسانية، ويصحبه النهوض بالتبعات بالعزم والاجتهاد، ولا يكون الإنسان متبرماً من مواجهة الشدائد والابتلاءات بل يكون صابراً راضياً بقضاء الله، وهذا هو معنى الصبر الجميل في قوله تعالى: "فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً"([6])
ومن ثمراته أنه يضيء الطريق لصاحبه فيعرف في الشدائد عدوه من صديقه، ومن ثمراته عند مواجهة الأعداء النصر، يقول النبي r "واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرا"([7])
وإذا كانت المحن تولد المنح، وتفرز الرجولة والبطولة والتضامن، وتصهر معادن الرجال، فإننا ننتظر المنحة قريباً بنصر وفتح قريب وعودة القدس الحبيب.
الحرب النفسية:
تنكر إسرائيل على الشعب الفلسطيني حقوقه المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وتخوض حربا نفسية وحشية ضد السكان المدنيين الأبرياء، مستهدفة بذلك تحطيم وتدمير الإنسان الفلسطيني، وتنتهك كرامته الإنسانية، متجاوزة القوانين والشرائع الدولية، وبخاصة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وما نص عليه العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والثقافية للبشرية، الصادر عن الأمم المتحدة عام 1966، والذي أكد على أن أساس الحرية والعدل والسلام في العالم هو الإقرار بالكرامة الإنسانية والحقوق المتساوية والثابتة للبشرية جمعاء، وأن السبيل الوحيدة لتحقيق المثل العليا للإنسانية تتمثل في أن يكون البشر أحراراً، ومتمتعين بالحرية المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ومتحررين من الخوف والتهديد والإرهاب.
والحرب النفسية في مفهومها الواسع هي كل ما يوجه إلى العدو لغرض الإسهام بصورة فاعلة في قهره أو التأثير في سلوكه. وهي حملة شاملة تستخدم فيها كل الأجهزة والأدوات المتاحة للتأثير في عقول ومشاعر جماعة محددة بقصد تغيير مواقف أخرى تؤدي إلى سلوك يتفق مع مصالح الطرف الذي يشن هذه الحرب([8])
ويجمل "حامد ربيع" فيقول: "الحرب النفسية هي نوع من القتال النفسي
لا يتجه إلا للعدو ولا يسعى إلا لتحطيم النواحي المعنوية له بجميع الوسائل للقضاء على أي صورة من صور الثقة بالنفس التي قد تولد فيه المقاومة أو عدم الإذعان أو الاستسلام"([9])
الوضع النفسي
والحاجة إلى الأمن
يؤكد جمهرة من علماء النفس أن هذه الصدمات قد تصاحبها حالات من الفوبيا المزمنة من الأحداث أو الأشخاص أو الأشياء التي رافقت وقوع الحدث، مثل: الجنود، صفارات الإنذار، الأصوات المرتفعة، الطائرات. وفي بعض الأحيان يعبر الطفل عن هذه الحالات بالبكاء أو العنف أو الغضب أو الصراخ أو الانزواء في حالات الاكتئاب الشديد، إلى جانب الأعراض المرضية مثل: الصداع والمغص وصعوبة التنفس، والتبول اللاإرادي، وانعدام الشهية للطعام، وقلة النوم، والكوابيس، وآلام وهمية في حال مشاهدة أشخاص يتألمون أو يتعرضون للتعذيب، وفي حالة المشاهدة لحالات وفاة مروعة لأشخاص مقربين منه، أو جثث مشوهة، أو حالة عجز لدى مصادر القوة عند الطفل، مثل الأب والأم، يصاب عندها الطفل بصدمة عصبية قد تؤثر على قدراته العقلية.([10])
فما موقف الفلسطينيين عامة والمقدسيين خاصة من قضية الموت؟ البعض يقبل عليه مضحياً بنفسه في سبيل الله، والبعض الآخر لم يحتمل ما شاهده من تعذيب وقتل لإخوانه فأصيب بما يسمى بقلق الموت. لقد كان رد الفعل لكل ما سبق هو تحويل هذه الأجساد إلى قنابل بشرية، البعض يرى أنها عمليات استشهادية لتحرير الأرض والمقدسات، والبعض الآخر يرى أنها عمليات انتحارية نتيجة للكبت والضغوط اللذان يعاني منهما المجتمع الفلسطيني !! فأين الحق في ذلك ؟ وما حقيقة الخوف من الموت والقلق منه؟
يوضح سمير شقير (2003) أن هذه العوامل لها دور كبير في زيادة القلق لدى بعض الفلسطينيين، حيث يواجه الشعب الفلسطيني -وبشكل يومي- الإرهاب الإسرائيلي والذي يتمثل في الحصار الاقتصادي، واستخدام أسلحة الدمار، فها هو الشعب الأعزل يقتل ويعذب على أيدي الإسرائيليين، ويمنع الطلاب من الدراسة بسبب الحواجز ومنع التجول الذي يحول بينهم للوصول إلى جامعاتهم، إضافة إلى معايشتهم الموت كما حدث في المخيمات والمدن الفلسطينية من مجازر إسرائيلية مثل جنين والخليل وغزة ونابلس ورام الله، إضافة إلى عزل مدينة القدس عن المدن الفلسطينية، وهذا ينعكس على مشاعر المقدسيين وأفكارهم مما قد يؤدي إلى القلق العام بما في ذلك ارتفاع قلق الموت لدى البعض منهم.
فالمواطن الفلسطيني يتواجد يومياً في مواقف يتعرض فيها للخطر، ولاحتمال القتل، حتى وإن كان بعيداً عن الخطر الموضوعي، فهو في أحسن الأحوال على اتصال مع وسائل الإعلام، وهذا لا يحصنه من مشاعر وأفكار تقلقه من الموت في يقظته أو حتى في منامه، وما يرافق ذلك من الشعور بالحزن والهم.([11])
ومع ذلك وجدنا الكثير منهم وقد تكيف مع هذه الصدمات وهذا التهديد أو أي مصدر ضاغط، بل واستطاعوا التكيف مع الصعاب والشدائد، وهو ما يعرف بالمرونة الإيجابية Resilience وهي قدرة الفرد على مواجهة الأزمات والتهديدات بفاعلية، ومقاومة الخبرات القاسية.
فالموت في الدين الإسلامي ليس هو المجهول الذي يبث الخوف والرهبة في النفوس، ولكنه قضاء الله وحكمته في أن يعيش الإنسان عمراً زائلاً في الدنيا، ثم يعيش عمراً خالداً في الآخرة، يقول تعالى: "الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ" ([12]) ولذلك تجد الكثير وقد وصل بهم الزهد إلى الدرجة التي لا يخشون الموت منها أبداً، بل إن البعض قد يرنو إليه مشتاقاً، وينتظره متلهفاً، ويترقبه راجياً.
إن حياة المؤمن الحافلة بالصعاب تقتضي أن يكون لديه مفاهيم وأخلاق يتبعها لمواكبة هذه الصعاب ومواجهتها، وللخروج منها بما يرضي ربه جل وعلا، يقول الله تعالى: "الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ"([13]). فكل ما في الكون من حوله إما أن يكون نعمًا من الله سبحانه تعالى يغدقها عليه لأداء رسالته في الحياة، وإما أن يكون بلاء ومعوقات تعتري طريقه في أداء هذه الرسالة، وفي كلا الحالين يكون هذا المؤمن في اختبار وابتلاء، فكان لا بد من رصيد إيماني كبير لاجتياز هذا الاختبار، ولا بد من زاد يتقوى به في طريقه الشاق في هذه الحياة، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات"([14])، ولا يجتاز اختبار النعمة والبلاء بنجاح إلا من اتصف بصفتين عظيمتين تظهر من خلالهما حقيقة المؤمن، وحقيقة إيمانه، وحقيقة وجوده في الحياة، وقد ركز القرآن الكريم كثيرًا على هذين الصفتين وكذلك الرسول عليه الصلاة والسلام، ألا وهما: شكر الله في حالة النعم والصبر في حالة الابتلاء، وهاتان الصفتان سلاح أشار إليه ديننا الحنيف لعمارة الأرض وإقامة حكم الله فيها، بالشكل الذي يرضاه الله سبحانه وتعالى.
ومع تطور وسائل الحرب في العصور المتأخرة ظهر نمط جديد من الأعمال الفدائية، يتمثل في مباشرة المقاتل التضحية بنفسه، بغية تحقيق النكاية بالعدو. وهذا النوع من الأعمال لم يكن ليظهر لولا اكتشاف المواد المتفجرة وتقدم تقنيتها في هذا العصر، والتي من شأنها توسيع دائرة التأثير والتدمير لتحقيق النكاية بالعدو.([15])
وهذه الأعمال الفدائية بدأت تظهر في فلسطين بعد الاحتلال اليهودي للأراضي الفلسطينية، وذلك ضمن أعمال المقاومة الشعبية ضد الاحتلال.
والذي ينظر في واقع أمة الإسلام في هذا العصر يرى بجلاء تداعي أمم الكفر عليها، واحتلالها أجزاء من أراضيها ومقدساتها، وقتلها أبناءها، حتى أضحى الدم المسلم - الذي هو أعظم عند الله من الكعبة - أرخص الدماء، فبلادهم مباحة، ودماؤهم مستباحة، مع ضعفٍ في قدراتهم، وتفرقٍ بين دويلاتهم. ولهذا، من الخطأ إعطاء هذه الأعمال بشتى صورها حكماً واحداً على وجه الإطلاق والعموم دون النظر في حال العدو ووضع الحرب وحال الشخص وملابسات العملية.([16])
لقد أثبتت الدراسات المعاصرة أن هذه الأعمال هي الأكثر نكاية باليهود المغتصبين، والأنجع في إدخال الرعب في قلوبهم. فقد نزعت الأمن من صفوفهم حتى في شوارعهم ووسائل نقلهم الداخلية والخارجية وأماكن تجمعاتهم العسكرية.([17]) وقد جاء في دراسة مركز النور للأبحاث والدراسات عن العمليات العسكرية والاستشهادية التي نفذتها حركات المقاومة الفلسطينية ما يلي: "يتضح من خلال الدراسة أن العمليات الاستشهادية هي رأس الانتفاضة، وهي السلاح الأقوى الذي أوقع في العدو أكبر الخسائر البشرية والمادية والمعنوية على حد سواء، وقد تنوعت العمليات الاستشهادية بأساليب مختلفة وطرق مختلفة، وقد قتل من اليهود جراء هذه العمليات الاستشهادية في مختلف الأراضي الفلسطينية
ما يربو عن 80% من إجمالي قتلاهم، وهذا يبرز أهمية هذا السلاح بيد المقاومة الفلسطينية، ويعطي التفسير الواضح لمطالبة دولة العدو وحلفائها وأصدقائها بالوقف الفوري لهذا النوع من العمليات الساخنة"([18])
يقول الكاتب الصهيوني (آريه شبيط): "إنه بفضل العمليات الانتحارية
- هكذا يسميها - نجح الفلسطينيون في قلب الشوارع الإسرائيلية إلى موقع عسكري كبير ومرهق. وبفضل هذه العمليات نجحوا في المساس بقسوة بالاقتصاد الإسرائيلي، كما نجحوا في الحفاظ على اهتمام الأسرة الدولية بمشكلتهم، ولولا العمليات الانتحارية لكان القليل فقط من الإسرائيليين يكرسون التفكير بما يجري وراء الخط الأخضر، ولكانت المعاناة والضائقة من نصيب الفلسطينيين فقط، ولكان قُدِّر لهم الاستسلام والخضوع بدون شروط"([19])
إن هذه العمليات لها تأثير قوي على الجانب النفسي في صفوف الصهاينة، وقد أشار الله تعلى إلى أثر هذا الجانب فقال تعالى: "وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ
لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ
لاَ تُظْلَمُونَ"([20])
وقد دلت هذه الآية على أن من مقاصد الإعداد والجهاد، إرهاب العدو وتخويفه، وإدخال الرعب إلى قلبه، بحيث يشتد تحرزه واضطرابه، لما في ذلك من أثر على قوة العدو المعنوية ووحدة صفوفه، وقد أحدثت هذه العمليات أثراً كبيراً سيئاً على الحالة النفسية والمعنوية للمجتمع الإسرائيلي قادة وشعباً.
وقد دلت البيانات اليهودية على هذا الرعب بدقة الأرقام فنشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن معدلات الخوف بين المستوطنين كانت 57% في مطلع شهر أكتوبر 2001م ثم بلغت 68% في منتصف الشهر ثم بلغت 78% في مطلع الشهر التالي، وبلغت نسبة الزيادة في مبيعات المهدئات في القدس 100% ، كما بلغت نسبة الزيادة لأدوية الاكتئاب 30%.([21])
ويشير علماء النفس إلى تزايد الشكاوى من اضطرابات النوم والقلق والإحباط بين الصهاينة، كما تؤكد الإحصائيات زيادة استهلاك السجائر، وقلة العائدات من ضريبة الوقود، وهو ما يشير إلى تجنبهم للخروج والتنقل، خوفًا من وقوع أي عمليات استشهادية ضدهم.([22])
وعلى الجانب الاقتصادي يقول سفر الحوالي: "قبل اشتعال الانتفاضة المباركة كانت الدولة اليهودية تعيش عصرها الذهبي، لا سيما في الاقتصاد، فقد أصبحت تطمع الوصول لنادي العشر الدول الأولى في العالم من حيث مستوى دخل الفرد ... فلما قامت الانتفاضة المباركة هبطت بالاقتصاد اليهودي إلى أسوأ حالاته منذ قيام الدولة، وذلك بإجماع الخبراء والمراقبين في إسرائيل والهيئات الدولية المختصة"([23])
وعندما يرتد العدو عن عقيدته التي من أجلها جاء و قاتل، فإن ذلك يعني أن الهزيمة النفسية لديه قد بلغت النهاية، والردة هنا ليست تعبيرا مجازياً، بل هي حقيقة دينية عند الصهاينة، فهم يسمون العودة من أرض الميعاد ردة.([24])
لقد أمر الله تعالى رسوله الكريم بتحريض المؤمنين على القتال، يقول تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفاً مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ"([25])
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
([9]) أنظر: حامد ربيع (1971). الحرب النفسية في المنطقة العربية. بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر. ص73
([10]) غسان يعقوب (1999). سيكولوجيا الحروب والكوارث ودور العلاج النفسي (اضطراب ضغوط ما بعد الصدمة). بيروت: دار الفارابي.
([15]) الإرهاب والعمليات الاستشهادية: سلمان العودة . مقال بمجلة الدعوة في عددها الصادر في 12/2/1423هـ